اكد د. عمار الحريري، الباحث فى الحديث النبوي وعلومه، أن من أخطر التحولات التي حدثت على الحديث النبوي، أنه أصبح لزاما على المسلمين التمجيد والمحافظة عليه وقبوله والدفاع عنه كما هو، والتحذير والنقد والاتهام لكل من يحاول تهذيبه أو نقده أو الاستدراك على المتقدمين، بل أصبح دليلهم أن نقد المرويات الحديثية؛ نقد للإسلام.
وتابع ” هنا الطامة الكبرى والانحراف الخطير، فبدل أن تكون هذه المرويات قابلة للتحقيق والاختبار والنقد والتهذيب والاستدراك للوصول إلى صحيح الحديث من غيره ضمن تطور العلوم كعلم المقاصد مثلا، بل يجب عقد مشاريع بحثية كبرى ضمن تطورات وتقنيات العصر وتسخيرها في تهذيب الحديث النبوي والدفاع عنه بما أُقحم فيها من روايات تتميما لجهد المتقدمين، صارت هذه المرويات هي الأصل ومسلّمات ولزام على المسلمين الدفاع عنها وتبرير صنيع المحدثين وتأويلاتهم وتبني حلولهم وشروحهم مهما كانت متعسفة وباردة، ومن ثم تقديم الحديث النبوي والنبي الأكرم ضمن مرويات مضطربة خطيرة ومسيئة وظالمة لنبي الرحمة”.
أضاف الحريري، من أسوأ ما فعله المدافعون عن هذه الفكرة ربط هذه المرويات بالإسلام، بل بالقرآن الكريم، بحيث يرددون حجة واهية مُدجنة وعجيبة” أن الطعن بهذه المرويات هو طعن بالقرآن”، بينما العجب بأنهم يمارسون أبشع الطرق في الطعن بالقرآن الكريم، وكأنهم لم يقرأوا أو يطلعوا على حجم الروايات في الصحيحين وغيرهما التي تطعن في القرآن الكريم، واتخذها أعداء الإسلام حجة في الطعن به، وشتان بين حفظ البشر وحفظ رب البشر.
وقال إن أحوج ما يحتاج إليه القوم دراسة ووعي كيف يتم تحريف الإسلام والطعن بالقرآن وما مدى قدرة هذه الروايات بأن تنافس القرآن وتصارعه وتقارعه لتصبح مصدرا وممثلا عن الإسلام في غياب متعمد لدعوة القرآن إلى هيمنة القرآن ومركزيته، بدل ترديد حجج واهية ستدينهم أمام الله تعالى ويتحملون وزر تحريف هذا الإسلام والسُنة الشريفة التي لا تنفك عن كتاب الله تعالى نسقا ومادة وهدفا ومنهجا، مشيرا إلى قول العلوانى: “لكن بعض أهل الحديث أرادوا أن يرفعوا من شأن الرواية، ويعززوا من منهاجها فأكدوا على أن القرآن أيضًا مروي..، ونحن نؤكد أن كتاب الله _ تبارك وتعالى_ في غنى عن الثبوت بالرواية وننزهه عن تلك القراءات الشاذة وغير الشاذة التي نسبت إليه….. فالقرآن قطعي الثبوت في كل كلمة وحرف ورد فيه، ولا يعتمد في ثبوته إلا على الله_ تبارك وتعالى_ الذي أمر رسوله ﷺ أن لا يعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليه وحيه رغبة في حفظه وخوفا منه_ صلوات الله وسلامه عليه_ من تفلت شيء منه”.