نستعرض معكم كتاب “القرآن وكفى مصدرا للتشريع الإسلام” للدكتور احمد صبحي منصور والذي يقول فيه المؤلف ان كثير من الناس يستسهل أن يؤمن بكتب أخرى تكتسب لديه قداسة ويضعها إلى جانب القرآن العزيز. وبعضنا يعتقد أنه يكفيه أن يؤمن بالقرآن وأنه لا يضره أن يؤمن بكتب أخرى مع القرآن كتبها الأئمة ونسبوها للنبي عليه السلام ولو تدبرنا كلام الله العزيز في القرآن الكريم لتأكدنا أن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ينبغي أن يتمسك به المسلم دون غيره، ولتأكدنا أن القرآن الكريم ليس محتاجاً لهذه الكتب البشرية، فالقرآن الكريم ما فرط في شيء ونزل تبياناً لكل شيء وجاءت به تفصيلات كل شيء يحتاج للتبيين والتفصيل.
فالقرآن هو الذكر وهو الحكمة وهو الصراط المستقيم وهو الحق الذي لا ريب فيه والقرآن في النهاية هو المصدر الوحيد للإسلام.. هذا ما ينبغي أن يكون
فالله تعالى ينزل مصدراً واحداً لدينه ولكن لا يلبث الناس أن يقيموا إلى جانبه مصادر أخرى مع التزييف في كلام الله، ولكن الله تعالى أتم حجته علينا بإنزال القرآن محفوظاً بعناية الله من الزيف والتحريف وجعله مهيمناً على ما سبقه من كتب وأنزله مبيناً مفصلاً تاماً لا يحتاج إلى مصدر آخر معه، وتظل آيات الكتاب حجة على أولئك الذين يتهمون القرآن بالنقص والغموض والاحتياج للبشر.
وهو ما يتوافق مع ما قاله المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في مقال منشور بعدد كبير من وسائل الاعلام حيث قال: “ليس المسلمون ملزمون بإتباع الروايات والتفاسير التى نقلت عبر عشرات القرون اجتهادات بشرية قد تلزم السابقين كل فى عصر وقد تكون متعمدة لتسبب التفرقة بين المسلمين وتجعلهم طوائف وفرق يتقاتلون فيما بينهم، وينشغلون فى تقاتلهم عن رسالة الاسلام التى هي منهج علمى“.
مضيفا “ان الله يطالب، الناس بأن يتبعوا ما ينقله الرسول عليه السلام عن ربه من آيات كريمة تضيء للناس طريق الحياة ليعيش الناس جميعا فى أمن وسلام لبناء مجتمعات اساسها الرحمة والعدل والحريّة والسلام والتعاون فيما بينهم ليسعوا جميعا للتفكر فى الثروات والنعم التى أفاء الله بها على الانسان ليستخرجها من الارض ويوظفها فى الارتقاء بمعيشة الانسان، مستشهدا بقول الله تعالى :” هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ”.
وهو ما يشير اليه أيضا الدكتور احمد صبحي منصور في كتابه حينما أوضح ان أصحاب المصدر الثاني – يقصد المؤمنون بالمرويات والتراثيات المنسوبة للنبي- ينسبون الأحاديث للنبي مع اعترافهم بأن النبي نهى عن كتابة هذه الأحاديث، ومع اعترافهم أيضاً بأن العصر الذهبي للإسلام لم يشهد كتابة تلك الأحاديث التي لم تُدوّن إلا في عصور الاضطراب العقيدي والتفرق الديني والتحزب السياسي. وهم حين ينسبون تلك الأحاديث للنبي يجعلونها درجات في الصحة والصدق، فمنها المتواتر الذى يفيد عندهم اليقين وعدد أحاديثه يتراوح ما بين صفر إلى أقل من عشرة أحاديث عند أكثر المتفائلين، ومنها الآحاد وهو القسم الأعظم من تلك الأحاديث، ثم يقسمون أحاديث الآحاد إلى درجات مختلفة بين الصحة والزيف، وبين الصدق والكذب، وهو تقسيم مضحك، ذلك لأنك حين تنسب قولاً ما لقائله فالأمر لا يحتمل إلا واحداً من اثنين، أما أن يكون الشخص قد قال ذلك القول فعلاً فالقول صادق في نسبته إلى قائله بدرجة 100٪، وإما أن يكون الشخص لم يقل ذلك القول، وحينئذ تكون نسبته إليه كاذبة 100٪، ولا توسط بين الاثنين، ومثلاً فإن حديث ﴿اعملي يا فاطمة فإني لا أغنى عنك من الله شيئاً﴾ إما أن يكون النبي قد قاله فعلاً ونطق به وحينئذ فهو من قول النبي 100٪، وإما لم يتلفظ به النبي وحينئذ تكون نسبته للنبي كاذبة 100٪ ولا مجال للوسطية. ولكن أين لنا أن نتحقق من ذلك وقد دار ذلك الحديث على الألسنة أكثر من قرنين من الزمان إلى أن تمت كتابته، والذى كتبه لم يشهد النبي ولم يشهد الأجيال التي أتت بعد النبي أيضاً.
ونعود إلى تقسيماتهم المضحكة لدرجات الأحاديث من الصدق والكذب فنراهم يقولون إن ذلك الحديث صادق بنسبة 70٪ والآخر بنسبة 50٪ والآخر بنسبة 13٪ أي ضعيف.. وهو تقسيم يضحك منه الحزين.
فإما أن يكون الرسول قد قال ذلك الحديث فهو صادق 100٪ وإما لم يقله الرسول فالحديث كاذب 100٪.
والذى قاله الرسول ويظل إعجازاً لنا على أنه كلام الله هو القرآن، وهو الحديث الذى ينبغي الإيمان به وحده والاحتكام إليه وحده، فألذى أنزل هذا الكتاب هو الذى سيحاسبنا على أساسه يوم القيامة، أما الذين كتبوا لنا مؤلفات المصدر الثانى فهم بشر مثلنا سيقفون معنا صفاً أمام الله في الموقف العظيم يوم القيامة.