نستعرض معكم كتاب ” الطريق إلى القرآن ” للكاتب إبراهيم السكران والذي يتفق مع المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في ان القرآن اصبح مهجورا خاصة حين يتساءل المفكر العربي علي الشرفاء حول كيف استطاع المتآمرون على الإسلام وأعداء الله أن يزرعوا روايات وأحاديث تتعارض مع قيم القرآن وسماحته، كيف استطاعوا أن يغرقوا العقول في مستنقعات الفتنه والفرقة والله يدعو للتعاون والبر والرحمة والتسامح والمحبة، كيف استطاعوا أن يمزقوا وحدة الرسالة إلى مرجعيات متناحرة متقاتلة كل منهم يبحث عن سلطة ومغنم ووجاهة، كيف استطاعوا أن يجعلوا منا معاول لهدم دين السلام والمحبة ويحولونا الى وحوش كاسرة فقدت كل قيم الإنسانية وأهملت ما جاءت به رسالة الإسلام من عدل وسلام ورحمة والسبب هو أننا هجرنا القرآن الكريم ولم نجعله مرجعيتنا الوحيدة.
المفكر العربي علي الشرفاء
على علماء المسلمين أن تتوافر لديهم الشجاعة ولا تأخذهم في الله لومة لائم بأن يبحثوا في أسباب هذه التهمة وكيفية تصحيح موقف المسلمين للفوز برضا الله ورحمته.
وهو ما يؤكد عليه كتاب “الطريق الي القرآن ” الذي يقول فيه ان من أعجب أسرار القرآن وأكثرها لفتًا للانتباه تلك السطوة الغريبة التي تخضع لها النفوس عند سماعه (سطوة القرآن)، وهي ظاهرة حارت فيها العقول. حين ينتشر صوت القارئ في الغرفة يغشى المكان سكينة ملموسة تهبط على أرجاء ما حولك.
ويحكي الكاتب عن شاب مراهق كان يشتكي له من والده وأمه ويتذمر منهما؛ فحاول الكاتب أن يصوغ له عبارات تربوية جذابة ليقنعه بضرورة احترامهما مهما فعلا، ولاحظ أن هذا المراهق يزداد مناقشة ومجادلة له، وحينما استبدل تلك العبارات بالقرآن قائلًا: يا أخي الكريم، يقول تعالى في سورة الإسراء: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا )، رأي موقف هذا الفتى يختلف كلِّيًّا؛ ومن شدة تأثر الكاتب بالموقف نسي هذا الفتى ومشكلته، وعاد يفكر في هذه السطوة المدهشة للقرآن، وكيف صمت هذا الشاب وأطرق للحديث بمجرد سماع هذه الآية، لدرجة أنَّ نغمات صوته تغيرت.
ويؤكد الكتاب ان هذه الظاهرة البشرية التي تصيب بني الإنسان حين يسمعون القرآن ليست مجرد استنتاج علمي أو ملاحظات نفسية، بل هي شيء أخبرنا الله أنه أودعه في هذا القرآن. ليس تأثير القرآن في النفوس والقلوب فقط ، بل أيضًا تأثيره الخارجي على الجوارح؛ فالجوارح ذاتها تهتز وتضطرب حين سماع القرآن: قشعريرة عجيبة تسري في أوصال الإنسان حين يسمع القرآن. يقول – تعالى – في سورة الزمر: (الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ).
ويشير الكاتب الي كيف يرسم القرآن لمراحل التأثر فتقشعر الجلود، ثم تلين، إنها لحظة الصدمة بالآيات التي يليها الاستسلام الإيماني، بل والاستعداد المفتوح للانقياد لمضامين الآيات؛ ولذلك مهما استعملت من المحسنات الخطابية في أساليب مخاطبة الناس، وإقناعهم؛ فلا يمكن أن تصل لمستوى أن يقشعر الجلد في رهبة المواجهة الأولى للآيات، ثم يلين الجلد والقلب لربه ومولاه، فيستسلم وينقاد بخضوع غير مشروط.
ويري الكاتب إن الجبال الرواسي التي يُضرب بها المثل في صلابتها .. تتشقق خاشعة من هيبة كلام الله. يقول – تعالى -: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله ). فتأمل!
ابراهيم السكران
إن الجبال الرواسي التي يُضرب بها المثل في صلابتها .. تتشقق خاشعة من هيبة كلام الله. يقول – تعالى -: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله ). فعلي الجميع ان يتأمل!
ويطالب الكاتب من القراء ان يتأملوا كيف انبهرت نساء المشركين وأطفالهم بسكينة القرآن؛ ففي صحيح البخاري: (إنَّ أبا بكر ابتنى مسجدًا بفناء داره وبرز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكّاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن؛ فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين ). والتقصف هو الازدحام والاكتظاظ.
ويقول الكاتب ليس أطفال المشركين ونساؤهم فحسب هم من انبهروا بسكينة القرآن، ولكن صناديد المشركين كانوا منبهرين كذلك؛ فهذا أحدهم، جبير بن مطعم، حينما سمع بضع آيات من سورة الطور، قال: (كاد قلبي أن يطير )، وحتى الجن حينما سمعوا القرآن انبهروا وأنصتوا كما يقول – تعالى – في سورة الاحقاف: (وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا )، وفي موضع آخر في سورة الجن: (قل أوحي إلىَّ أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنًا عجبًا ).
ويشير المؤلف انه اذا كان أثر على الكافرين وعلى الجن هو الانصات والتعجب ، فكيف يكون أثره على المؤمنين؟ ويتسائل هل يليق بنا بعد هذا أن نهمله؟ وهل يليق بنا أن نتصفح عشرات الأخبار والرسائل والمقالات يوميًا، وليس لكتاب الله نصيبٌ من يومنا؟! لقد اشتكى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) من كفار قومه حينما هجروا القرآن: (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا )، فما بالنا ونحن المؤمنون به وبما أنزل؛ فأي خسارة تلك، وأي حرمان!