الزواج ارتباط ابدي يجمع احباء، هدفهم في الحياة السعي لتأسيس اسرة واولاد تحت سقف واحد، ولخطوة الزواج ترتيبات كثيرة منها المادي ومنها العائلي ومنها النفسي ايضاً، وفي لبنان توجد العديد من الخطوات والعادات لإتمام هذا الزواج .
وتبدأ بالذهاب الى بيت العروس، فتقوم النسوة بالزيارة من باب التعارف والتودد، ويشربن القهوة على امل لقاء جديد، تبدأ معه معاينة العروس، فإن نجحت في الامتحان ونالت رضى الأم والأخت سمّيت الفتاة عروساً للشاب وإلا “لا نصيب ولعلها في مرة اخرى تصيب” .
هذا كله ، والعريس لا يعرف عروسه بعد، و”يوم الطلبة”، يتوجه كبار العائلة لطلب يد العروس من ولي امرها بوجود عدد كبير من اهلها واقاربها، وبعد الكلام المنمق والوعود بالحياة السعيدة تتم الموافقة بقراءة الفاتحة وتشرب العائلتان نخب المناسبة على اصوات الزغاريد والتمنيات لهم بالسعادة .
يؤسس العروسان عشهما الزوجي بمعية الاهل، فعلى العريس اللبناني ان يجهز عروسه بمهر يقدمه وفق امكاناته المادية اما العروس فعليها ان تبتاع الملابس و“جهاز العرس”، كما على اهلها تأمين غرفة النوم كهدية عرس لابنتهما.
بعد الانتهاء من كل هذه الامور يحدد اهل العروسين يوماً ل”عقد القران” اي كتب الكتاب والذي يكون عادة بعد صلاة الجمعة، حيث يقوم القاضي او احد الشيوخ او المفتي بكتابة العقد، تُقرأ الفاتحة على نية التوفيق وتوزع بعدها الحلوى على المدعوين الذين يقومون بتقديم التهاني للعروسين وعائلتيهما.
ومن الجدير ذكره أن شباب اليوم لم يعد يرضى بعروس لم يلتق بها من قبل والفتاة لم تعد ترضى بفرض آراء العائلة والجيران والاقارب، لقد بات الزواج في عصرنا هذا مشروعاً متكاملاً يقرره العروسان بعد فترة تعارف يتشاركان فيها الزيارات والأحلام وبناء عشهما الزوجي.
وجرت العادة في المناطق البيروتية ان ينقل جهاز العروس إلى بيتها الزوجي بعد عقد القران بأيام قليلة، فيذهب اهل العريس الى بيت اهل العروس ويحضرون “الجهاز” الى البيت الجديد وسط زغاريد النسوة ورقص الاطفال وهناك يصمد او يعرض كل ما تكون جمعته العروس طوال فترة خطوبتها للدلالة على ذوقها الرفيع في الاختيار واستعدادها الكامل لتحمّل مسؤولية جديدة في حياتها.
و”الصمد” عبارة عن مرآة وصندوق ملابس يحوي الكثير من الفساتين الحريرية والصوف والجوخ والكتان ، والمناشف المطرزة ، كما يتألف من فراش ولحاف ومخدة وطراحة ومسند وكراسي وابريق نحاس اصفر وطناجر وقبقاب وصابون مطيّب وعلبة خياطة بالاضافة الى كيس الفرك والليف،
وهذه امور باتت مستحيلة مع عروسنا اليوم التي باتت تهتم بجهازها وفق حاجاتها الاساسية في البيت الجديد ، فالملابس المتنوعة العصرية ، والمناشف الاساسية للاستحمام والمطبخ وبعض انواع العطور هي ما تحمله معها ، وان كان الموضوع قد تم الاتفاق عليه بين العروسين مسبقاً وفق الحالة الاجتماعية لكليهما حيث من الممكن ان تتم بالمناصفة بينهما ان كانت الفتاة تعمل وتجني دخلاً لا بأس به.
وعندما يحين موعد الزفاف الذي في العادة يحدد في ليلة اول جمعة بعد كتب الكتاب ، وقبله بيوم اي يوم الخميس على العروس ان تذهب إلى “الحمام العمومي” حيث تقوم الفتيات أقارب وصديقات العروس بمساعدتها على الإستحمام ووضع الحنة على يديها ورجليها وكان على العريس ان يبعث لعروسه في هذا اليوم ما يسمى “فوطة العروس” ويكون فيها حلوى وفاكهة وهنا تكتشف العروس بخل او كرم زوجها المستقبلي ، فان هو ارسل واغدق فهذا دليل عافية وان امتنع فالويل آت لا محالة، اذ كانت تلك الفوطة وفي كثير من الاحيان تفسد العرس على الرغم من ان هذا الاكتشاف كان يتم قبل موعد الزفاف بيوم واحد ، الا انه كان يلغي العرس .
اما العريس فكان يُحمل على الاكتاف الى “حمام الهنا” حيث ترافقه اغاني اصدقائه ومحبيه الذين يرافقونه من الحلاق الى الحمام. وهي عادة لم تعد سائدة في اعراس مجتمعاتنا اليوم حيث باتت الحمامات العمومية نادرة وان وجدت فللاستحمام الشخصي وليست من اولويات العرس.
وقبل ليلة واحدة من يوم الزفاف على والدة العروس أن تبخر البياضات والمناشف والملابس التي اصطحبتها ابنتها إلى بيتها الجديد ،
أما ليلة الزفاف فتتفرغ العائلة لإستقبال الأهل والاحباب في بيتهم حيث يقام الفرح ، وتغمر السعادة المدعوين في رؤية عروسهم جالسة على المنصة او الكوشة تتوسط باقات الزهور بانتظار عريسها الذي عليه ان يتقدم مع رجال عائلته اولاً مقبلاً يد أمه كعربون محبة وشكر،ليكشف بعدها عن وجه عروسه ، ويجلس الى جانبها في الكوشة المخملية وسط زغاريد النسوة .