– جهود مصرية حثيثة لإنهاء الانقسام بين الفرقاء والحفاظ على الهدوء في غزة
– الرئيس السيسي يحذر من العواقب الوخيمة لفرض أمر واقع يؤثر سلباً على أفق مفاوضات الوضع النهائي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي
تواصل الدولة المصرية جهودها الهادفة إلى دعم الأشقاء الفلسطينيين بما في ذلك عبر مواصلة العمل الحثيث نحو توحيد الصف الفلسطيني ودفعهم نحو التوافق على رؤية وطنية موحدة، بالإضافة لملفات أخرى أبرزها التهدئة ووقف التصعيد في قطاع غزة وإعادة إعمار القطاع.
وتؤكد مصر في عدة مناسبات على لسان القيادة السياسية دعم الدولة المصرية لتطلعات الشعب الفلسطيني نحو إقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة على حدود 4 يونيو عام 1967، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية؛ فضلا عن مواصلتها الاتصالات مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية سعيًا نحو تهيئة المناخ الملائم لإحياء مسار المفاوضات بين الجانبيّن الفلسطيني والإسرائيلي في أقرب فرصة ممكنة.
على الصعيد السياسي والدبلوماسي، كثفت مصر من جهودها واتصالاتها مع كل الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار بشكل كامل فى غزة، والبناء على ذلك بتفعيل المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والدفع نحو إطلاق مبادرة سياسية تساعد فى تقريب وجهات النظر بين الجانبين، لتمهيد الأرضية لإجراء الانتخابات، وحشدت مصر الجهود الإقليمية والدولية، لتحقيق استجابة إنسانية فورية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضرورة الحفاظ على الوضع الراهن للأماكن المقدسة في مدينة القدس المحتلة.
تأتي مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في فعاليات مؤتمر “القدس” رفيع المستوى، الذي انعقد بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، تأكيدا على الدور المصري التاريخي الداعم لحقوق الفلسطينيين، أكد الرئيس في كلمته أن القدس كانت عبر التاريخ عنواناً للصمود الذي يحمله اسم مؤتمر اليوم، وإنه لمن المؤسف أن هذا “الصمود” أصبح وكأنه قدر تلك المدينة، فهي كما عانت في الماضي، ما زالت تعاني في الحاضر.
وأكد الرئيس السيسي دعم صمود القدس، عصب القضية الفلسطينية، والقلب النابض للدولة الفلسطينية، موضحا أن القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة المحورية، اختصت الوضع القانوني لمدينة القدس، بدءاً من تأكيد مجلس الأمن “أنه لا يجوز الاستيلاء على الأرض بالقوة، وأن جميع الإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذت من قبل إسرائيل باعتبارها قوة احتلال، والتي يمكن أن تغير من معالم أو وضع المدينة المقدسة، ليس لها صلاحية قانونية وتمثل انتهاكاً صارخاً لاتفاقية جنيف الرابعة”، وانتهاءً بتأكيد مجلس الأمن عدم اعترافه بأية تغييرات على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، إلا ما يتم الاتفاق عليه بالتفاوض.
وتؤكد مصر في كافة المحافل الإقليمية والدولية على موقفها الثابت إزاء رفض وإدانة أية إجراءات إسرائيلية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم لمدينة القدس ومقدساتها، وتمسكها بالوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، بما في ذلك المسجد الأقصى بكامل مساحته باعتباره مكان عبادة خالصاً للمسلمين، والتحذير من العواقب الوخيمة التي قد تترتب على الإخلال بذلك، أو على محاولة استباق أو فرض أمر واقع يؤثر سلباً على أفق مفاوضات الوضع النهائي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وترعى الدولة المصرية عددا من الملفات الفلسطينية الهامة أبرزها المصالحة وملف تبادل الأسرى والتوسط للحفاظ على التهدئة في قطاع غزة، وتحرص مصر على التحرك فيما يحقق الصالح الفلسطيني بعيدا عن أعين وسائل الإعلام حرصا من الدولة المصرية على إنجاح أي تحركات تتعلق بالملف الفلسطيني بعيدا عن المقامرة أو المزايدة بالحقوق المشروعة للفلسطينيين، وهو ما يدفع الأشقاء للتأكيد على تمسكهم بالدور المصري في أيا من الملفات التي تتعلق بحقوق الفلسطينيين.
القيادة المصرية تعمل بشكل حثيث وملحوظ بالتعاون مع قوى إقليمية ودولية للدفاع عن حقوق أبناء الشعب الفلسطيني، والتأكيد على أهمية تفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني والتأكيد على مبدأ حل الدولتين على تنعم المنطقة بالسلام والاستقرار بعيدا عن الخيارات العسكرية الخشنة.
الدور المصري الداعم للقضية الفلسطينية رسم خلال العقود الماضية سواء بتقديم مصر حوالي 100 ألف شهيد مرورا بالدور المصري الداعم للفلسطينيين ومنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي للفلسطينيين على مدار عدة سنوات، بالإضافة للدور المصري المهم في دعم المفاوضات التي خاضها الفلسطينيين في المحافل الإقليمية والدولية، بالإضافة للتنسيق المصري الفلسطيني المشترك والمستمر منذ عقود في عدد من النقاط التي تتعلق بحقوق الفلسطينيين المشروعة.
وعقب أحداث عام 2011 لم تعد القضية الفلسطينية من الأولويات بعد حالة الفوضى الأمنية والمؤسساتية في بعض الدول العربية وهو ما دفعها للانكفاء على أزماتها الداخلية والتركيز على تقوية مؤسساتها، ما أدى لتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية التي عانت خلال العقد الأخير وتراجع الاهتمام الإقليمي والدولي بها، وتعمل القاهرة بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين على إعادة الزخم لقضية فلسطين والتركيز عليها باعتبارها القضية المركزية للدول العربية.
وعلى الرغم من التحديات الدول العربية عام 2011 إلى أن مصر نجحت في دفع الأطراف الفلسطينية للتوقيع على اتفاق المصالحة والذي يمهد لعودة اللحمة إلى الفلسطينيين، بالإضافة لاحتضان مئات الاجتماعات لتوحيد صفوف الفلسطينيين وتقديم النصائح اللازمة لهم لدعم المشروع الوطني الفلسطيني، ويبقى الهدف الأسمى في هذه التحركات المصرية هو توحيد الفلسطينيين حول برنامج موحد ورؤية مشتركة تمكنهم من انتزاع حقوقهم المشروعة.
ونجحت جهود الدولة المصرية خلال عام 2021 في وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مبادرة تقدر بـ 500 مليون دولار، للمساهمة في إعادة اعمار قطاع غزة من خلال الشركات المصرية التي ستنتهي من المشاريع في غضون أشهر قليلة.
يركز الدور المصري على تخفيف العبء عن أبناء الشعب الفلسطيني فى قطاع غزة باستمرار فتح معبر رفح البري للتخفيف عن الأشقاء في غزة، بالإضافة لإعادة إعمار قطاع غزة بعد الدمار الذى خلفه العدوان الإسرائيلي على غزة في مايو 2021، ونجحت الفرق الهندسية المصرية في إنجاز جزء كبير من المشروعات التي تدشنها مصر داخل غزة.
يأمل أبناء الشعب الفلسطيني في أن يبقى الدور المصري هو الدور المحوري في قضية فلسطين كونه الأكثر صدقا وإيمانا بالقضية التي قدم فيها الشعب المصري آلاف الشهداء دعما للفلسطينيين، وتحقيق نبوءة “أبو عمار” في رفع علم فلسطين فوق أسواء ومآذن وكنائس القدس.
الدعم المصري المتواصل لأبناء الشعب الفلسطيني عبر مؤسسات مصر المختلفة يؤكد أن الدولة المصرية هي دولة أفعال وليس أقوال ويشير إلى مدى إيمان القيادة المصرية بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمة القدس الشرقية والعيش في أمان واستقرار.
القضية الفلسطينية أحد أبرز القضايا العادلة التي تعمل الدول العربية خاصة مصر على دعمها لأنها قضية شعب مظلوم ومكلوم بسبب ما تعرض له من احتلال لأرضه وتهجير وسلب وقتل واستيطان إلا أن الاهتمام بالقضية تراجع عقب أحداث 2011 التي عصفت بالدول العربية، ولم تعد قضية فلسطين على سلم أولويات الدول التي عانت من ضعف المؤسسات وعكفت هذه الدول عقب أحداث 2011 على الانكفاء على الداخل العربي بشكل أكبر لحل مشكلاتها الداخلية وتقوية مؤسساتها.
لم تتأخر مصر أبدا عن دعم الأشقاء الفلسطينيين سواء لإنهاء الانقسام الداخلي بين الفصائل وتحديدا فتح وحماس، والتوسط في عدة مناسبات لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ووقف نزيف الدم، فضلا عن تقديم كافة سبل الدعم والإسناد للمواطن الفلسطيني الذي يعاني من أزمات متلاحقة سواء على المستوى الداخلي بسبب الانقسام أو بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وأخيرا بمحاولة تحييد القضية الفلسطينية عن أي صراعات إقليمية ودولية.
وتواجه الشعب الفلسطيني عدد من المشكلات التي أضعفت القضية خلال العقدين الماضيين وهي الانقسام والتشتت وتصارع الفصائل على المصالح بعيدا عن المصلحة الوطنية الفلسطينية، وهو ما استغله الجانب الإسرائيلي ووظفه للترويج لمشروعه الاستيطاني داخل الأراضي المحتلة، وقد ساعدهم الفلسطينيين في ذلك بشكل غير مباشر عبر عمل كل فصيل ومكون في جزر منعزلة عن بعضها ما أدى لتعاظم الانقسام، وتشتت خطاب الوحدة الفلسطينية ما بين حماس وفتح والسلطة وبات لكلا منهم وجهة نظر تختلف عن الآخر في كيفية تحقيق وحدة الفلسطينيين.
ونتيجة الحالة الراهنة للقضية الفلسطينية أصيب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بخيبة أمل بسبب الانقسام السياسي والمؤسساتي بين المكونات الفلسطينية حتى أصبح الحديث عن “توحيد الصف” و “إنهاء الانقسام” أبرز الملفات التي يطالب بها الشعب الفلسطيني.
يعيش الشعب الفلسطيني فترة من أسوأ الفترات في عمر القضية الفلسطينية ويرفض محاولات التقسيم والوقيعة بين المكونات الفلسطينية حيث يسعى الشعب الفلسطيني لإعادة الزخم إلى الاهتمام بالقضية على المستويين الإقليمي والدولي.
لم تتوانى مصر أبدا في تقديم النصح والدعم للأشقاء الفلسطينيين وتنظيم جلسات للحوار الوطني الفلسطيني لتوحيد الصف وإنهاء الانقسام، فضلا عن تحركاتها على المستوى الإقليمي والدولي لإحياء القضية الفلسطينية والدفع نحو تفعيل عملية السلام في الشرق الأوسط، وتحتاج القضية الفلسطينية إلى الكثير من العمل لتوحيد صفوف الفلسطينيين ونبذ الفرقة لتقوية الجبهة الداخلية لمواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتعول القيادة الفلسطينية على الدور المصرى في ظل الظروف الطارئة والمتأزمة التي تواجه القضية الفلسطينية، وظروف تهدد الأمن الإقليمي، وتهدد مفهوم التعايش بين شعوب المنطقة، في ظل استمرار الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب المخالفة للشرعية الدولية، من التوسع في الاستيطان وهدم للمنازل، وتهجير ومصادرة الأراضي، وعمليات تهويد ممنهجة في القدس الشرقية، فضلا عن اقتحامات غير شرعية للمسجد الأقصى المبارك مع استمرار اقتحامات المدن الفلسطينية، ما يزيد الاحتقان على الأرض ويهدد بانفلات الأوضاع الأمنية، ويعوق حل الدولتين، ويضع الطرفين، والشرق الأوسط بأكمله أمام خيارات صعبة وخطيرة.
وجدد الرئيس عبد الفتاح السيسي في عدة مناسبات دعوته للمجتمع الدولي وشركاء السلام لضرورة العمل سوياً على إنفاذ حل الدولتين، وتهيئة الظروف الملائمة لاستئناف عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، باعتباره حجر الزاوية لتطلعات شعوب المنطقة لتحقيق الأمن الإقليمي والاستقرار والتعايش السلمى، كما دعا الأطراف الدولية لعدم الاستسلام للجمود السياسي، الذي يتراكم مع الزمن ويزيد من تعقيد التسوية في المستقبل.
وأكد الرئيس السيسى، أن مصر ستستمر في الدعوة لمعالجة جذور الأزمة المتمثلة في الاحتلال ولن تألو جهداً في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي طالت معاناته، وستواصل العمل مع طرفي الصراع لإعادة إحياء المسار السياسي، كما ستواصل جهودها للتعامل مع التحديات الآنية والعمل مع جميع الأطراف على التهدئة بالضفة الغربية وقطاع غزة، فضلا عن استمرار جهود دعم إعادة إعمار القطاع ودعوة المجتمع الدولي لزيادة إسهامه لتخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة.
المصدر : اليوم السابع