يعبر التحالف العربي عن مصطلح يُستخدم لوصف الانقسامات والاختلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها الدول العربية ، ويعود تاريخ التخالف العربي إلى فترة ما بعد الاستعمار، عندما تم تحديد حدود الدول العربية بشكل اصطناعي ودون مراعاة العوامل القومية والثقافية والدينية التي تجمع بين الشعوب العربية هذا الانقسام والتجزئة الإقليمية قد أدى إلى حدوث تحديات وصراعات داخلية في المنطقة.
وفي هذا الصدد تحاور موقع رسالة السلام مع الباحث الدكتور خالد المختار وكيل الشؤون العلمية بجامعة صبراته حول القضايا العربية التي طرحها المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في عدد من مقالاته وأيضا في كتاب ومضات علي الطريق.
• هل يمكن إنشاء حلف عسكري عربي، يمكن بواسطته تفادي الكوارث التي أصابت العراق والكويت والسودان وسوريا وكافة الدول العربية التي تعاني من أزمات؟
إنشاء حلف عسكري عربي هو فكرة تطرح بشكل دوري في السياق الإقليمي العربي، وقد تم تناولها على مدار العقود الماضية. إلا أنه من المهم أن نفهم أن إنشاء حلف عسكري عربي يتضمن العديد من التحديات والمعوقات.
فهناك قضايا سياسية وثقافية واقتصادية تعترض عملية تكوين حلف عسكري عربي فعال. هناك تاريخ طويل من الخلافات والتوترات بين الدول العربية، وهذا يجعل من الصعب التوافق على الأهداف المشتركة والسياسات العسكرية المشتركة.
أيضا يجب ان اشير الي ان هناك تباين كبير في القوة العسكرية والإمكانيات بين الدول العربية. هذا يعني أن بعض الدول ربما تكون غير راغبة في المشاركة بشكل فعال في حلف يتطلب التزامات كبيرة دون أن تحقق فوائد مباشرة لها.
كما انه من المعروف ان هناك تحديات أخرى تتعلق بالتنسيق والتكيف بين الأجنحة العسكرية المختلفة في الحلف. تختلف معايير التدريب والتجهيز والعمليات العسكرية بين الدول، وهذا قد يصعب عملية التكامل بينها.
لكني اعتقد انه على الرغم من التحديات المذكورة، فإن العديد من الدول العربية تتعاون في بعض الجوانب العسكرية بما في ذلك التدريب المشترك والتمارين العسكرية وتبادل المعلومات والخبرات. هذه التعاونات الثنائية يمكن أن تسهم في تعزيز القدرة العسكرية والأمنية في المنطقة.
واحب ان الي انه بدلاً من التركيز على إنشاء حلف عسكري عربي، ربما يكون من الأفضل التركيز على تعزيز التعاون الأمني والسياسي والاقتصادي بين الدول العربية، والعمل معًا للتصدي للتحديات المشتركة مثل الإرهاب، والصراعات المسلحة، والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. الحوار والتفاهم القوي بين الدول يمكن أن يسهم في تعزيز الأمان والاستقرار في المنطقة بشكل أفضل.
• اذا من وجهة نظركم ما هي الاطر التي تقترحها لتعزيز التعاون السياسي والامني والاقتصاد؟
لتعزيز التعاون السياسي والأمني والاقتصادي بين الدول العربية، يمكن اعتماد عدد من الإطارات والخطوات التي تساهم في تعزيز التعاون والتفاهم بين الدول من خلال عدد من المقترحات منها مثلا: التشبث بالحوار الدبلوماسي المستمر بين الدول العربية، وذلك للتعامل مع القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية. يمكن عقد قمم واجتماعات رفيعة المستوى بين القادة العرب لتبادل وجهات النظر والعمل على حل القضايا المشتركة ، من خلال أيضا التعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب من خلال تشكيل اتفاقيات وآليات مشتركة لمواجهة التهديدات الأمنية المشتركة. يمكن تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنظيم التدريبات العسكرية المشتركة.
وهو الامر الذي يشجيع علي التعاون الاقتصادي بين الدول العربية من خلال تعزيز التجارة البينية وتبادل السلع والخدمات. يمكن العمل على إزالة الحواجز التجارية وتسهيل حركة البضائع ورأس المال بين الدول.
كما يمكن ان يكون التعاون في بناء المشاريع البنية التحتية الكبرى مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات، وتلك المشاريع يمكن أن تعزز التجارة والتبادل الاقتصادي وتعزز التكامل بين الدول العربية
أيضا اعتقد ان تبادل الخبرات والمعرفة في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجية والثقافية. حيث يمكن تنظيم برامج تبادل طلابي وأكاديمي لتعزيز التفاهم الثقافي والعلمي بين الشباب العرب.
كما يجب ان انوه الي انه علي قادة الدول العربية ضرورة العمل على حل النزاعات السياسية والإقليمية بطرق سلمية ودبلوماسية. التسوية السلمية للنزاعات تعزز الاستقرار والأمان في المنطقة مما يساعد علي بناء الثقة المتبادلة بين الدول العربية من خلال تبادل الزيارات الرسمية واللقاءات الثنائية والمتعددة الأطراف.
• هل تعتقد انه يمكن التوصل الي دراسة فرص الاستثمار في الدول العربية، وتوجيه فوائض الأموال العربية للاستثمار في مشاريع البنية التحتية على نظام (البوت)؟
نعم، اعتقد أنه يمكن التوصل إلى دراسة فرص الاستثمار في الدول العربية وتوجيه فوائض الأموال العربية للاستثمار في مشاريع البنية التحتية على نظام البوت (BOT) أو نماذج الاستثمار الأخرى. نظام البوت هو نموذج اقتصادي يستخدم لتنفيذ المشاريع الكبرى التي تتطلب استثمارات ضخمة ويكون تمويلها من المستثمرين الخاصين بدلاً من التمويل الحكومي.
التحدي الرئيسي هو أن توجيه الاستثمارات نحو مشاريع البنية التحتية يتطلب توفر البيئة المناسبة للاستثمار في الدول العربية، وذلك يعتمد على عدة عوامل منها الاستقرار السياسي والأمني والذي يعد عاملاً أساسيًا لجذب الاستثمارات الأجنبية وتوجيه الأموال لمشاريع البنية التحتية. إذا كانت الدول العربية تواجه نزاعات مسلحة أو اضطرابات سياسية، فإن ذلك يمكن أن يثير المخاوف بشأن استقرار الاستثمارات.
ولكن هذه الفرضية يجب أن تتزامن مع إيجاد قوانين وتشريعات تشجع على الاستثمار وتحمي حقوق المستثمرين. يجب أن يكون هناك بيئة استثمارية شفافة ومستقرة وعدالة قانونية لضمان جذب الاستثمارات من خلال بنية تحتية قانونية وتقنية قوية لدعم تنفيذ مشاريع البنية التحتية بنظام البوت. يجب أن تتوفر القدرة على إدارة المشاريع بكفاءة وفعالية.
وبما اننا نتحدث عن الفرص الاقتصادية الاستثمارية يجب ان تكون هناك شراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص تعمل على دفع عجلة التنمية وتوجيه الاستثمارات للمشاريع الهامة في البنية التحتية عن طريق تخطيط جيد لتحديد الأولويات في الاستثمارات البنية التحتية وضمان أن تكون المشاريع مستدامة وتلبي احتياجات المجتمع.
مما يجعلني اؤؤكد انه مع توفر هذه العوامل واستيفاء الشروط المطلوبة، يمكن للاستثمارات العربية أن تلعب دوراً هاماً في تعزيز البنية التحتية وتنمية الدول العربية وتحسين جودة الحياة للمواطنين. يُعتبر توجيه الاستثمارات لمشاريع البنية التحتية الحيوية عن طريق نماذج مثل BOT فكرة جيدة إذا تم التأكد من جدواها وتحقيق فوائد ملموسة واستدامة للمجتمع.
• هل تتطلب المصلحة الوطنية، والقومية في الظروف الراهنة والحرجة – أن ترتفع كل القيادات فوق جراح الماضي، وأن تضع مصالح الأمة العربية، وشعوبها فوق كل الاعتبارات؛ لتحقيق مصالحة عربية –عربية؟
المصلحة الوطنية والقومية هي عوامل حيوية في صياغة السياسات واتخاذ القرارات للدول العربية، خاصة في الظروف الراهنة والحرجة. تحقيق المصالحة العربية-العربية يعني تجاوز الخلافات والنزاعات الداخلية والعمل بروح الوحدة والتعاون لتحقيق الأهداف المشتركة والمصالح المشتركة للأمة العربية من خلال توحيد الجهود والتعاون بين الدول العربية، يمكن تعزيز قوتها ومكانتها في العالم. الوحدة والتضامن العربي قد تساعد في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية المشتركة.
حيث يمكن أن تسهم المصالحة العربية-العربية في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وحل النزاعات المستمرة بين الدول العربية وتساعد أيضا علي مواجهة تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة مثل البطالة والفقر والتحديات البيئية. يمكن تحقيق التعاون في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتحسين حياة المواطنين.
كما يمكن اني يلعب التعاون العربي دورًا مهمًا في مكافحة التطرف والإرهاب والحد من انتشارهما في المنطقة ومع ذلك، يجب أن يكون التوجه نحو التحقيق بالمصالحة مبنيًا على المرونة والحكمة واحترام سيادة الدول وحقوق الإنسان. يجب أن تكون المصالحة نابعة من الإرادة الحقيقية للتعاون والتضامن وتحقيق المصالح المشتركة للدول العربية.
على المستوى السياسي، يمكن تحقيق المصالحة من خلال الحوار والتفاهم والمساعي الجادة لحل الخلافات والنزاعات بشكل سلمي. على المستوى الشعبي، يمكن تحقيق المصالحة من خلال تعزيز التفاهم والتواصل بين الشعوب العربية وتعزيز الروح الوطنية والعروبية المشتركة.
في النهاية، تحقيق المصالحة العربية-العربية يمثل تحديًا حقيقيًا ولكنه يمكن أن يكون له أثر إيجابي كبير في تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة.